بناء شخصيتي من جديد !
السؤال :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنا سيدة عمري ثلاثين سنة ، متزوجة و لدي أجمل طفلين مشكلتي تتلخص في انخفاض تقدير الذات و ضعف الثقة بالنفس ، كما أني أدرك الأسباب لمروري بمشكلات أسرية و تحرش جنسي بشكل يومي خلال أول عشر سنوات من عمري و هي مرحلة تكوين شخصية الطفل ، مما نتج عنها هذه الشخصية المهزوزة مع العلم اني انسانة كتومة ولم أخبر أحداً عما مررت به لا دكتور نفسي ولا شخص مقرب من العائلة .تجاوزت المشكلات الأسرية و الجنسية بشكل جزئي بعد زواجي و انجابي لصغاري لكن المشكلات النفسية لا تزال موجودة كيف يمكنني أن أعيد بناء شخصيتي أو بالأصح
ترميمها من وجهة نظركم . وشكراً
الرد من أ. مجدي نجم الدين جمال الدين بخاري
الأخت الفاضلة :س
نرحب بك في موقع المستشار، ونسأل الله تعالى أن تجدي فيه النفع والفائدة، وأن يسدد أقوالنا وأعمالنا، وييسر لنا تقديم ما فيه الخير لك ولجميع الإخوة والأخوات زوار هذا الموقع المبارك.
القلق مزعج ، وعقلك لازال يركز تفكيرك على حادثة تعرضك للتحرش فتشتعل مشاعرك بتفاعل مع هذه الأفكار ،وبرغم دلالات بعض محتوى رسالتك الذي يشير لتجاوزك للحادثة من خلال نجاحك في تعليمك ووصولك لدراستك العليا وعملك الخاص وهذا قليل من الناس تفعله بالإضافة إلى زواجك، ثم إنجابك لطفلين بحمد الله وعلقت بأنهم ( أجمل طفلين ) ، وهو أمر رائع وينم عن تحول هائل نحو الإيجابية والانطلاق من قيود التفكير السلبي .
لكن عبارة ( أجمل طفلين ! ) لها تفسيرين : -
إما أنك مستمتعة بحياتك وهذا مطلوب لجودة الحياة لكن هذا يتناقض مع الطلب في آخر رسالتك! .
أو أن عقلك الباطن لازال في حالة تفكير متواصل في الموقف وقلقك من امتداده لأطفالك وهذا ما يبرر عباراتك ( كتومة ، شخصية مهزوزة ... ) ! وهذا ما أرجحه من خلال سياق الرسالة .
لابد أن نعرف أن الشيطان يوسوس للناس لفعل السوء فإن فعلوه فعلى الغالب فسيكونون نادمين على ما اقترفوا ،وما حصل قد حصل منذ زمنٍ بعيد ولم يتكرر بعدها لليوم ولله الحمد ، والزمن تكفل بإصلاح ما فسد والحمد لله على كل حال .
بعد العشر سنوات الأولى في حياتك تكونت لديك حصانة وطورت مهارة حماية نفسك ، وهذه ما يميز الشخصيات القوية الناجحة .
فلم يتكرر ما حدث وأتوقع أن لا يتكرر مع أطفالك وهو مصدر قلقك عليهم إن نقلت لهم خبرتك بتوجيهات لقوانين الحماية من التحرش ،وهذه طرق لتثقيف الطفل للحماية من التحرش :-
• التثقيف الصحيح في جو من الصداقة بين الطفل ووالديه .
• منح الطفل الثقة بنفسه وبوالديه حتى يتطرق لكافة الموضوعات مع والديه دون خوف .
• توعية الطفل بأهمية أن يحكي لوالديه عن كل ما يتعرض له من مواقف وأحداث دون حواجز أو مخاوف بصورة يومية .
• تنمية الأنشطة والهوايات والرياضة التي يمارسها الطفل منذ صغره وأن يطورها مع تطور مراحله العمرية .
• متابعة الطفل دائماً ولكن دون إشعاره بالرقابة ومتابعة الأشخاص الذين يصادقهم.
• عدم السماح للخدم والسائقين بالانفراد به على الإطلاق إلا مع وجود الوالدين .
• منع الطفل من مشاهدة القنوات الفضائية والمجلات التي تبث المواد الإعلامية السيئة وغرس الوازع الديني لدى الطفل في كافة تصرفاته .
والآن .. نحن لسنا بحاجة إلى الضغط على أبنائنا أو حبسهم في المنازل بل إن ما نحتاجه هو أن نوعيهم ونثقفهم لمواجهة النفوس المريضة التي تتربص بهم وذلك بالتوعية المبكرة ، والتحدث معهم عن هذه الأمور بكل مصارحة بلغة رقيقة وحكايات غير مباشرة ، وأن يتجنب الآباء القول بأن الحديث مع الأبناء في هذه الأمور يفتح أعينهم على موضوعات أكبر منهم لأن التفكير بهذه الطريقة هو الذي يعرض أبناءنا لما نخافه فلنتذكر دائماً بأن أطفالنا أمانة في أعناقنا .
الصورة التي نكونها عن أنفسنا منذ الصغر من مدركات ومشاعر وما يرتبط بهذه الصورة من إحساس بالرضا أو عدم الرضا هو ما يسمى مفهوم الذات أو تقدير الذات .
فإذا كانت صورتنا عن أنفسنا إيجابية من الطبيعي أن نشعر بالاعتزاز والرضا بهذه الذات ، وعلى العكس من ذلك إذا كانت صورتنا عن ذاتنا سلبية فسوف نكره ذاتنا ونذمها ونحتقرها .
الثقة بالنفس هي ناتج مفهوم الذات الإيجابي أو ناتج تقدير الذات الإيجابي لذا فإنه يجب أولاً أن تشعري بأنك شخص له قيمة حتى يشعر الآخرون بأهميتك
فآراء الآخرين فينا تتشكل بنظرتنا لأنفسنا .. ،فأنت شخص قدير وناجح وواثق إذا تصرفت كذلك .. ،فإذا اعتمدت على تقييم الآخرين فإن الناتج هو ما يعتقده الآخرون حولك .
خصائص أصحاب تقدير الذات المرتفع :
1- يفخر بإنجازاته .
2- يتمتع بالاستقلالية .
3- يتحمل المسؤولية .
4- يتحمل الإحباطات .
5- يقبل على الخبرات الجديدة .
6- يمتلك القدرة على التأثير في الآخرين.
7- يستطيع أن يعبر عن انفعالاته بتوازن .
وأنا أتوقع أنك تحققين الكثير من هذه الخصائص وهي نسبة طبيعية لنا كأسوياء والسعي لإكمال النقص سيقوي شخصيتك ،الشخصية هي مجموعة من أساليب التفكير والتصرف واتخاذ القرارات والمشاعر المتأصلة والفريدة لشخص معين ومكوناتها تفاعل الجوانب العقلية والجسمية والاجتماعية والانفعالية والخلقية .
البناء يكون في مراحل الطفولة والمراهقة وبعدها يصعب التعديل ، أما التعديل والترميم فهو يعتمد على استبصارنا بمشكلاتنا ورغبتنا في تعديل أخطاءنا .
ولتحسين شخصياتنا يجب أن نعمل على تنمية عناصرها بتوازن واعتدال بدون إفراط ، برغم أن التحسين المستمر لن يصل بنا للكمال مهما اجتهدنا لأننا ببساطة بشر ،فلنكن في نقطة توازن بين الرضا بالنفس والسعي وطموح التحسين .
هناك مقولة لأحد الحكماء بما معناه : راقب أفكارك لأنها ستصبح أفعالاً وراقب أفعالك لأنها ستصبح عادات وراقب عادتك لأنها ستصبح طباعاً وراقب طباعك لأنها ستحدد نمطك في الحياة .
وهذه بعض المظاهر السلبية التي يجب مقاومتها والابتعاد عنها حتى تصبح شخصيتنا واثقة ناجحة :-
1- الخجل يضيع الفرص .
2- الخوف من الفشل والمغامرة واكتشاف الجديد .
3- الخوف من الانتقادات يجعلنا نتجنب الفرص .
4- الاتكالية سلوك العاجز .
5- محاولة نيل الإعجاب والرضا من الناس يحولنا لممثلين متملقين .
وهذه خطوات إضافية للتحول بشخصيتنا لتصبح فاعلة أكثر : -
1- التغيير ممكن وله طريق مضاء برضا الله والتواصل معه دوماً وهي أول وأهم خطوة في حياتك وهي دليل النجاح فيها .
2- التصالح مع النفس والتوقف عن محاسبتها عند كل هفوة ، وبالمثل التصالح مع الغير والتغافل عن زلاتهم إن لم تكن مقصودة .
3- وضع أهداف إجرائية بسيطة محددة بزمن بسيط والسعي لتحقيقها ( كحفظ صفحات من القرآن خلال مدة معينة – كقراءة كتاب خلال 3 أيام ..... ) وغيره من الأهداف البسيطة التي تمكنك من التدرب عليها ، ثم الانتقال للأهداف المتوسطة ثم البعيدة.
4- المقارنة مع الغير قاتلة والصحيح للارتقاء بالقدرات أن يقارن الشخص نفسه بنفسه كل فترة ( هل استطاع انجاز المطلوب منه ، وكم تبقى من الإنجاز ، وماذا يعمل لتحسين الأداء .... ) .
5- تعلمي التحكم في مشاعرك وردود أفعالك ومراقبة أفكارك فأنت الآن في مرحلة عمرية تستلزم الاتزان الانفعالي .
6- ثقفي نفسك بالقراءة والاطلاع والمناقشات وحضور الدورات .
7- بادري في تقديم الخير والمساعدات لمن يحتاج سواء أسرتك أو ممن تعرفين ولا تعرفين .
8- أشغلي وقتك بالمفيد فالوقت أمانة استرعانا عليه الله وسيسألنا عنهما ، قال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن جسمه، فيما أبلاه».س